مشكلة البحث

مشكلة البحث

مشكلة البحث عبارة عن بيان يتعلق بمجال اهتمام محدد، أو حالة يجب تحسينها، أو صعوبة نفكر بالتخلص منها، أو سؤال مقلق موجود في الأدب العلمي، من الناحية النظرية، أو في الممارسة العملية، يشير إلى الحاجة إلى فهم هادف وتفكير بإيجاد إجابة له. في أكثر التخصصات، تُطرح مشكلة البحث في شكل سؤال. لا تشير مشكلة البحث إلى كيفية القيام بشيء ما، أو تقديم اقتراح غامض أو واسع، أو تقديم سؤال ذي قيمة.
الغرض من بيان المشكلة هو تعريف القارئ على أهمية الموضوع قيد الدراسة. يوجه القارئ إلى أهمية الدراسة وأسئلة البحث أو الفرضيات التي يجب متابعتها.
يضع المشكلة في سياق معين يحدد معالم ما يجب البحث فيه.
يوفر إطارًا للإبلاغ عن النتائج ويشير إلى ما هو ضروري على الأرجح لإجراء الدراسة وشرح كيفية تقديم النتائج لهذه المعلومات.

لكن هكذا سؤال يجب أن تتبعه بسؤال: وماذا بعد؟

"ماذا بعد؟" بمعنى ما أهمية ذلك؟ لتثبت أنك لم تكتف بطرح سؤال لمع في ذهنك، وحسب، ولكنك فكرت في أهميته.

يجب أن تمتاز المشكلة بالسمات التالية:

- الوضوح والدقة [بيان مكتوب بشكل جيد لا يسبب التعميمات الشاملة والبيانات غير المسؤولة]
- تحديد ما سيتم دراسته، مع تجنب استخدام الكلمات والمصطلحات القيمة
تحديد سؤال شامل والعوامل أو المتغيرات.
- تحديد المفاهيم والمصطلحات الأساسية.
- توضيح حدود الدراسة أو معالمها.
- بعض التعميم فيما يتعلق بالتطبيق وتحقيق النتائج في الاستخدام العام.
نقل أهمية الدراسة وفوائدها ومبرراتها [بغض النظر عن نوع البحث، من المهم معالجة سؤال "وماذا بعد لإظهار أن البحث ليس تافهاً] ،
ليس لديه المصطلحات غير الضرورية، ونقل أكثر من مجرد جمع البيانات الوصفية التي تقدم فقط لمحة عن القضية أو الظاهرة قيد التحقيق.

مصادر المشكلات المناسبة للبحث

يمكن أن يكون تحديد مشكلة ما للدراسة أمرًا صعبًا، ليس بسبب عدم وجود مشكلات تبحث عن حلول، ولكن لتجنب دراسة مشكلات سبق حلها فنكرر عمل الآخرين. لتسهيل كيفية اختيار مشكلة يمكنك من خلالها بناء دراسة بحثية ، ضع في اعتبارك هذه المصادر الثلاثة الواسعة للإلهام:

- تناقضات نظرية
قد تجد مشكلة من وجود آراء مختلفة حول نقطة في تخصصك لم يتوفر إجماع علمي عليها.

- وجهات نظر متعددة التخصصات
يمكن أن يأتي تحديد المشكلة التي تشكل الأساس لدراسة بحثية من المشاريع الأكاديمية والمنح الدراسية التي تنشأ في التخصصات خارج مجال دراستك، للبحث ضمن فريق في مشكلة متشعبة تحتاج إلى عدة خبراء. يوفر النهج متعدد التخصصات لاختيار مشكلة بحثية فرصة لبناء فهم أكثر شمولية لقضية معقدة للغاية مما قد يوفره أي تخصص فردي.

- المقابلات مع الممارسين
يمكن أن ينشأ تحديد مشكلات البحث حول موضوعات معينة من المناقشات الرسمية أو غير الرسمية مع الممارسين الذين يقدمون نظرة ثاقبة على الاتجاهات الجديدة للبحوث المستقبلية وكيفية جعل نتائج البحوث ذات صلة متزايدة بالممارسة. تتيح المناقشات مع الخبراء في هذا المجال، الفرصة لتحديد المشكلات العملية "المقلقة الحقيقية" التي قد يتم التقليل من أهميتها أو تجاهلها داخل الدوائر الأكاديمية. يوفر هذا النهج أيضًا بعض المعرفة العملية التي قد تساعد في عملية تصميم وإجراء دراستك.

- الخبرة الشخصية
يمكن أن تؤدي تجاربك اليومية إلى مشاكل جديرة بالاهتمام للتحقيق فيها. فكر بشكل نقدي في تجاربك و / أو الإحباطات المتعلقة بقضية تواجه المجتمع أو مجتمعك أو منطقتك. يمكن اشتقاق ذلك ، على سبيل المثال ، من الملاحظات المتعمدة لبعض العلاقات التي لا يوجد لها تفسير واضح أو يشهد على حدث يبدو ضارًا بشخص أو مجموعة أو أنه خارج عن المألوف.

- الأدب العلمي
غالبًا ما يمكن اشتقاق اختيار مشكلة بحث من مراجعة شاملة ودقيقة للبحوث ذات الصلة المرتبطة بمجال اهتمامك العام. قد يكشف هذا عن المكان الذي تبقى فيه الفجوات في فهمنا للموضوع. يمكن إجراء البحوث من أجل: 1) سد هذه الثغرات في المعرفة ؛ 2) تقييم ما إذا كان يمكن تكييف المنهجيات المستخدمة في الدراسات السابقة لحل المشاكل الأخرى ؛ أو ، 3) تحديد ما إذا كان يمكن إجراء دراسة مماثلة في مجال موضوع مختلف أو تطبيقها على عينة دراسة مختلفة [أي مجموعات مختلفة من الناس]. أيضًا ، يختتم المؤلفون دراساتهم بتوصيات لإجراء مزيد من البحوث ؛ هذا يمكن أن يكون أيضا مصدرا قيما للمشاكل الجديرة بالبحث.

مزيات مشكلة البحث الجيدة

يبدأ بيان المشكلة الجيدة عن طريق إدخال المجال الواسع الذي تتمحور فيه أبحاثك ، ثم يقود القارئ تدريجياً إلى الأسئلة الأكثر ضيقًا التي تطرحها. لا يجب أن يكون البيان طويلاً ولكن يجب أن تتضمن المشكلة البحثية الجيدة الميزات التالية:

ملاحظة: لا تخلط بين مشكلة البحث وموضوع البحث. الموضوع هو شيء للقراءة والحصول على معلومات حوله بينما المشكلة هي شيء يجب حلها أو تأطيرها كسؤال يجب الإجابة عليه.

سمات المشكلة البحثية الجيدة

1- أن تستحوذ على اهتمام الباحث.
2- أن تكون ذات قيمة علمية، بمعنى أن تمثل دراستها إضافة علمية في مجال تخصص الباحث.
3- أن يكون لها فائدة عملية، بمعنى أن يتم تطبيق النتائج التي يتم التوصل إليها في الواقع العملي.
4- أن تكون المشكلة راهنة سارية المفعول، بمعنى أنها قائمة وأثرها مستمر، أو يخشى من عودتها مجددًا.
5- أن تكون جديدة بمعنى أنها غير مكررة أو منقولة.
6- أن تكون واقعية، بمعنى أنها ليست افتراضية، أو من نسج الخيال.
7- أن تمثل موضوعًا محددًا تسهل دراسته، بدلاً من كونه موضوعًا عامًا ومتشعبًا يصعب الإلمام به أو تناوله.
8- أن تكون المشكلة قابلة للبحث، بمعنى أن تتوافر المعلومات والتسهيلات التي يحتاجها الباحث.
9- أن تتفق مع قدرات الباحث وإمكانياته.
10- أن تكون المصادر التي يستقي منها الباحث المعلومات عن المشكلة متوافرة.

أخطاء  في اختيار مشكلة البحث

‏1- اختيار مشكلة وهمية ليست مشكلة. بمعنى أن حلها معروف مقدما. يجب أن يكون سؤال البحث غير مجاب عليه قبل إنهاء البحث. لكن إن كنت تستطيع الوصول إلى إجابات جديدة فلك حق إعادة دراسة المشكلة.

2- اختيار مشكلة عامة عريضة المجال تحتاج لعدة بحوث، ولا يمكن لبحث واحد أن يغطيها، كما لا يمكن للباحث الواحد أن يعطيها حقها، لحاجتها إلى وقت وجهد كبيرين. وتتداخل في هذه المشكلة العامة العديد من المتغيرات المؤثرة والمتأثرة، والعلاقات الارتباطية، مما يجعل طرحها على بساط البحث أمرا غير مجد، ويصعب معه الوصول إلى نتائج أو استنتاجات محددة.

3- اختيار مشكلة أكبر من طاقة الباحث، قد تكون دراستها مكلفة أو لا يتوفر مخابر أو مراجع لها أو مراجعها بلغة أجنبية لا يعرفها الباحث.

4- ختيار الباحث لأول مشكلة تخطر على باله، دون العناية بالتفكير في أبعادها ومتطلبات قياسها ودراستها. وقد لا يهتم بعض الباحثين بالرسالة إلا بصفتها عملاً روتينياً.

5- وبالعكس من الخطأ السابق، هناك التسرع والسطحية وعدم التمسك بفكرة محددة.

6- قد يقع باحثون آخرون ممن يعانون من التردد وعدم الثقة والشكوك في خطأ آخر وهو التفكير والقراءة لعدة أشهر وكذلك ملاحقة الأساتذة والمتخصصين، ثم الشك في كل ما يقال لهم، ويظلون على هذا الحال دون الاستقرار على مشكلة بحثية محددة واضحة المعالم، حتى يمضي الوقت وتفتر الهمة ويصبح الوقت المتاح ضيقا، فيقبل الباحث في النهاية بأي مشكلة بحثية للتخلص من ضغط الوقت وروتين الإجراءات

7- يقع بعض الباحثين في خطأ عدم وضوح صياغة مشكلة البحث، فيعبرون عنها بلغة ركيكة أو غامضة لا يدري المقصود بها إلا الباحث نفسه، وتحتاج دائما إلى من يشرح المقصود بها. وهذا خطأ كبير في البحث العلمي ذلك لأن البحث المكتوب هو درجة في سلم المعرفة، يبني عليه الباحثون الآخرون معرفة أخرى. ولهذا يجب أن يكون البحث واضحاً مفهوماً لا يحتمل الغموض أو التأويل أو الاختلاف في التفسير. ولعل الخطأ الأكبر هو أن الباحث قد يضيق صدره بملاحظات أساتذته أو المشرف العلمي حول عدم وضوح صياغة مشكلة البحث أو غموضها ويعتبر هذه الملاحظات عبء عليه، وتعقيدا لا لزوم له يعطله عن المضي في كتابة الرسالة فيتهرب من الأخذ بهذه الملاحظات عن المشكلة البحثية التي تعتبر الأساس الذي يبنى عليه الباحث باقي أجزاء الرسالة التي هي الأساس لجودة الرسالة العلمية بصفة عامة.

طرق تجنب هذه الأخطاء

‏1- ينصح الطالب أن يبدأ التفكير بعنوان بحثه قبل وقت كاف.

2- يفضل أن يكون للباحث مجال اهتمام خاص به يقرأ فيه وينمي معلوماته، ويتابع أحدث ما يكتب فيه من أبحاث ومقالات وكتب، ليس لأنه يعاني من مشكلة خاصة به في هذا المجال، ولكن كتفضيل علمي وفضول طبيعي وحب الاستطلاع. والإنسان المثقف لن يحيط بكل شيء علما ولكن غالبا ما يكون له هواياته الخاصة، وحقل المعرفة القريب إلى عقله ونفسه. فيكون في حالة اختياره موضوع ومشكلة بحث داخل مجال الاهتمام الخاص به هو أقرب إنسان لمعرفة ما يريد أن يبحث فيه، وسيسهل عليه اختيار وصياغة وتناول مشكلة البحث والإلمام بأبعادها وبواطنها وعلاقاتها، وهو الذي سيعيش معها طوال مدة البحث.

3- من الضروري أن يستشير الباحث أساتذته لكي يمكنه تحديد وبلورة مشكلة البحث. فمشكلة البحث في صورتها النهائية لا تخطر على ذهن الباحث في عصر المعرفة بصورة مفاجئة وٕإنما التطور الطبيعي أن تبدأ المشكلة في ذهن الباحث كفكرة عامة غير محددة الأبعاد، ومن خلال القراءة والتفكير والحوار مع الآخرين يبدأ الباحث في شحذ الفكرة من خلال أسئلة ذكية مثل: ما هو المتغير المستقل وما هو المتغير التابع؟ وما هي النتائج المتوقع الخروج بها؟ وما هي أبعاد هذه المشكلة وعناصرها، وعلاقتها؟

4- لا بد أن يتوقع الباحث قبل صياغة #مشكلة_البحث ما قد يقابله من صعوبات إذا لم تكن المشكلة معروفة ومصاغة بإحكام. ويتطلب هذا من الباحث الإلمام بأصول البحث العلمي، ليس كمجرد مقرر يحفظه لينجح فيه دون استيعاب وتأمل وتفكير في كيفية ارتباط المشكلة بتساؤلات البحث وأهدافه ومنهجه وأدواته وطرق قياس المتغيرات الواردة فيه. وهو ما ينصح به كثير من الكتاب في أصول ومناهج البحث العلمي.

5- شروط تقليدية للاختيار الجيد للمشكلة البحثية مثل جديتها وجدتها وأصالتها وجاذبيتها وفائدتها، وهو ما يتطلب من الباحث الاطلاع بصورة نقدية على البحوث والدراسات السابقة في مجال بحثه وحتى في مجالات أخرى. ويتطلب هذا حسا بحثيا لا يتكون لدى الباحث إلا بارتياد المكتبات والاطلاع والتأمل والتفكر. والوقت الذي يقضيه الباحث في المكتبة ليس وقتاً ضائعا ولكنه يساعد على اتساع الآفاق الفكرية لدى الباحث وقدرته على ربط الظواهر ببعضها البعض وتنمية الحس البحثي لديه.

6- لا بد أن يقتنع الباحث بأن الكمال غاية لا تدرك، ولذلك فكل ما يكتبه الباحث يكون قابلا للنقد والتعديل، حتى من الباحث نفسه بعد فترة من كتابته. ولكن ذلك لا يمنع الباحث من الانطلاق في التعبير عما يفكر فيه حتى لو قام بتعديله بعد شهور أو سنوات.

اشتركوا بقناتنا على اليوتيوب: Research Academy
https://www.youtube.com/c/ResearchAcademy

وتابعوا صفحتنا على الفيسبوك: مجلة الدراسات العليا
https://facebook.com/higher.studies.mag